الطيور المهجرة تعود ﻻعشاشها

موسى عواد بطي

حديت خاص لجريدة الى الامام الفنانة الكبيرة.. سعدية الزيدي الام في السينما.. الام في المسرح والتلفزيون.. انها أم صلبة.. دموعها متحجرة.. أم عراقية نبتت من غرين الآهوار، وشربت ماء دجلة، أستمعت الى والدتها تقول الشعر، عرفت فيما بعد أنه مجرد كلام مزوق ومنمق، تأثرت بها وبدأ ولعها بالشعر الشعبي في سن مبكر، شقيقتها الكبرى زكية الزيدي فنانة وناشطة نسوية من رائدات المسرح العراقي وخاصة المسرح العمالي، واهم مسرحياتها (رصيف الغضب) التي تتحدث عن المذبحة التي تعرض لها عمال البصرة على يد القوات الانكليزية مارست الفن كسلاح للتوعية ، توفيت زكية الزيدي عام 2010 في مستشفى سويدي.

ولدت (سعدية خليفة محمد الزيدي) في مدينة العمارة 1939 أنحدرت عائلتها من جنوب العراق الى بغداد، تقول الفنانة الكبيرة في حديث خاص الى (جريدة الى الامام): دارت الايام ودخلوا اخوتي السجون السياسية لأنتمائهم للحزب الشيوعي وصاروا يتنقلون من سجن بغداد الى سجن الحلة الى بعقوبه ونقرة السلمان، وكنت انا وامي نتنقل ورائهم اينما يحلون وسارت الايام مد وجزر وصارت ثورة تموز وخرج اخوتي من معتقلاتهم، وانا قررت ان اعيش مع اخوتي في بغداد والتحقت امي بنا، سافر اخي ابو علي للبصره اذ انه مهندس زراعي وتزوج هناك وتزوج اخي كاظم واشتغل بوزارة النفط ومن ضمن اختصاصه، وكذلك تزوجت زكيه من رفيقها عبد الرزاق الصافي، وانا الاخرى تزوجت (رمضان كاطع) منتج وانا تدرجت بالاشغال الوظيفية وعندي ثلاثة اطفال وانهيت الخامس اعدادي، والتحقت الوالدة بي وكانت رحمها الله ام مناضلة صبوره قنوعة بالقليل كسبت الحب والحنان".

وتضيف فنانتنا الكبيرة: "هل اصبحت يوما شيوعية وانت وسطهم؟ واكد لك انني بقيت مستقلة واديت واجبي بخدمتهم. فلماذا تريد ان تعطيني صفة النضال لتاريخ اسجله وهو ليس لي ولن اتعذب مثل عذابات المناضلين. اي نعم كنت صديق لهم ﻻنهم اخوة ورفاق اخوتي. اما المجال الفني دخلته مكتفيه عاطفيا وماديا وولجت هذا الباب ﻻنني اريد ان اشارك بمسيرة البناء، وخاصة العمل الارشادي للطبقة الفلاحيه انتقلت الى الاصلاح الزراعي، واصبحت معدة ومنفذة لبرنامج الارض لمن يزرعها وسالفة (نعيمه)، وتطور البرنامج صار اذاعي وتلفزيوني على الهواء ووجدت قابليتي بالتمثيل التقطني المخرج المرحوم خزعل مهدي بتمثيلية النهيبه".

وهكذا سطع نجم سعديه الزيدي عندما انتقلت الى بغداد عملت في شركة الغزل والنسيج الصوفي كرئيسة لقسم مكائن الحاسبة الالكترونية من سنة 1957، كانت تكتب الشعر اثناء عملها، اول قصيدة القتها في الاذاعة كانت من خلال برنامج الشعر الشعبي، نقلت فيما بعد الى وزارة الزراعة والاصلاح الزراعي، بدأت بأعداد برنامج (الارض لمن يزرعها) و(كلمات مع عين الشمس)، وقامت بأعداد برنامج المرأة الريفية لخمس سنوات وكانت تحرر صفحة المرأة في جريدة (صوت الفلاح)، وكانت تكتب وتنفذ برنامج مع ابي ضاري، مثلت اول تمثيلية اثارت الانتباه وكانت النهيبة من تأليف سلمان الجوهر واخراج خزعل مهدي، ثم قدمت (فدعة) التي كتبها واخرجها خزعل مهدي عن شاعرة عراقية في العشرينات.

وقفت اول مرة على المسرح لتختبر قابليتها في مواجهة الجمهور ومثلت مسرحيات عديدة لفرقة اليوم والتي اخرجها الفنان جعفر علي، منها (العطش والقضية) و(عروس في المزاد) مثلت شخصية امرأة مستلبة والتي تسقط وتسقط معها فتيات كثيرات، بالنتيجة تثأر هذه المرأة لنفسها وتتدارك وضعها، لهذا الدور حصلت الفنانة القديرة على جائزة افضل ممثلة لعام 1975، وبعدها انتقلت الى الفرقة القومية لتمثيل، منحت جائزة افضل ممثلة 1987 في مسرحية (خيط البريسم)، وحصلت في مرتين على جائزة افضل ممثلة وللموسمين 1977و1978، الفنانة الكبيرة سعدية الزيدي التي غابت عن جمهورها بسبب ظرف البلد وهي تتمنى لتعود الطيور المهجرة ﻻعشاشها.

  12/03/2017

  1323